يوميات انسان
كل إنسان لا يتذكر من ولادته شيء إلا ما يحكى له غيرأني أتذكرولادتي
بالتفصيل الممل حيت كانت ولادتي جد عسيرة ليس لشيء سوى أنها تزامنت مع قصف
جوي وبري للعدو, العدو الذي لا أعرفه ولا حتى إسمه المهم إن ولادتي كانت
تحت وطأة القنابل حيت إمتلأت المستشفيات بالجرحى والشهداء من الاطفال
،الشيوخ ,النساء والرجال لم يسلم أحد من هذا القصف حتى الطبيعة فقد إشتكت
إلى الرب عز وجل
آه يا دنيا..
ولدت وياريتني إن صح القول لم آت إلى هنا فمع أول تكبيرةٍ في أذني جاء خبر في الأذن الأخرى يقول باستشهاد أمي
الحنونة
التي ضحت بعشرة من أكبادها ليأتي اليوم الذي تضحي به بنفسها لقد سقط عليها
جدار الغرفة الذي كان متصدعاً فزادته قوة الصواريخ زعزعة
فاستشهدت من
بين ستْ نساء كنّ معها في نفس الحجرة التي لا تتعدى مساحتها مترين مربع
إستشهدت وتركتني في كفالة الخالق البارىء كما تركن زميلاتها أولادهنّ
للبارىء سبحانه أحسن الخالقين.
ولدت وسموني حنظلة أبي إسمه نكبة وأمي لا
داعي لذكر إسمها وإذا كان ضروريا فهي شهيدة الله لقبتُ بإبن النكبة ولم
أعي لماذا لقبوني بهذا اللقب الغريب لطفل لم يعي الحياة بعد
كبرت
وترعرعت وسط هذه الأجواء وأكثر منها ترعرعتُ وترعرع معي حبي لهذه البلاد
وإشتياقي لتحريرها. تحريرها من المغتصبين من قوة الظلام من الذين لا يعرفون
طرق الأبواب ولا يحترمون شيخ ولا يرحمون الطفل
من الذين أذاقونا
الحرارة في عزِّ الشتاء وأللبسونا الخيش في وقت التي تحرروا الناس من
العبودية عبودية السلاسل وأبقوا على عبودية الفكر والمال
كنت في عام الأول أرضع من دم الشهيد واتناول طعامي على أنقاض بيتنا المهدم اما العشاء: أتعشّى من قال إننا نتعشّى ههههههه
هيهات
بيننا وبين رغيف العشاء فالحصار الذي ضرب علينا لم يترك أي شيئ لنا وإن
طالوا لمنعوا علينا الهواء ولكن الحمد لله الذي لم يستطيعوا إلى ذالك سبيلا
أما
في عامي الثاني والثالت والخامس وإلى عامي الواحد والعشرون فكنت أفطر
باعتقال هذا وتعذيب ذاك فقد لعبت وسط جدران المعتقل وحلمت تحت عصا الذئب في
صورة جندي لقد إعتقلوني مع ابي وكان يتم تعذيبه أمام عيناي دون رحمة
اوشفقة
أنا حنظلة أنا العربي الفلسطيني أنا إبن نكبة هده البلاد أنا إبن
تخادل الأمة أنا الذي أعتقلت وليس في فمي كلمة واحدة انا انا انا......
ترعرعت في المعتقل كبرتُ وكبرتْ معي الأحلام وتعلمت الكثير من أعمامي وأخوالي وأصدقائي المعتقلين
من أبوا عمار وأبو خالد وأبوا......
تعلمت
منهم الصبر وعدم الخضوع تعلمت منهم الفكر الأصيل تعلمت منهم الحكمة تعلمت
منهم كيف أدافع عن بلادي إلى أخر نقطة دم في عروقي تعلمت أصول الإستشهاد في
سبيل الله ونصرة الإسلام فقررت أن أعتنق الاستشهاد وأن أنتسب إلى حركة
المقاومة
كان إنتسابي في هذه المرحلة مقتصرا على جمع الدعم من البلاد ومن الإخوان الفلسطينين الداعمين لإستقلال ا لبلاد وحريتها
كنت أسافر من مدينة إلى أخرى مستغلا في ذلك إثـقاني للعبرية.
ولكن الحصار كان أقوى من دعم الفلسطينين وحدهم فكان لابد من الدعم الخارجي
ورشحوني لهده المهمة وأنا إبن السادسة والعشرين فكانت البداية من لبنان المجاورة كانت مهمة صعبة وكانت التقة التي وضعوها بي أصعب
في اليوم الموالي.......