الخطبة الثانية
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى له، واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد:
أيها الحبيب الكريم:
وبعد أن بينا حكم تارك الصلاة تعالوا بنا لنبين فى عجالة سريعة حكم صلاة الجماعة لنذكر هواة الصلاة فى البيوت ونقول لهم إتقوا الله فأنتم على خطر عظيم.
فكثير من العلماء يقولون بوجوب صلاة الجماعة والحق والدليل معهم. وإليك بعض الأدلة.
* الدليل الأول: على وجوب صلاة الجماعة:
قول الله تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ ([20])
وهذه الآية الكريمة نص فى وجوب صلاة الجماعة، لأنه لو كان المقصود فى هذه الآية هو إقامة الصلاة فقط، ما قال الله فى آخر الآية {وَارْكَعُواْ مَعَ الرَّاكِعِينَ} بعد أن قال فى أول الآية و{وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ}.
* الدليل الثانى:
أنه حتى فى ساحة القتال وحومة الوغى ومواجهة الأعداء وتحت فتنه بارقة السيوف أوجب الله على المسلمين صلاة الجماعة.
ولو كان الأمر يسراً لسمح لهؤلاء فى أرض المعركة أن يصلوا منفردين.
بقول الله تعالى : وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا([21])
* الدليل الثالث: ما رواه الإمام مسلم عن أبى هريرة قال: "أتى النبى رجل أعمى فقال يا رسول الله: إنه ليس لى قائد يقدونى إلى المسجد، فسأل رسول الله أن يرخص له؟ (أى يصلى فى البيت) فرخص له، فلما ولى دعاه. فقال:" هل تسمع النداء بالصلاة" قال : نعم قال: "فأجب"([22])
* الدليل الرابع:
الحديث الذى رواه البخارى ومسلم عن أبى هريرة أن رسول الله "أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء . وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيها لاتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن أمر بالصلاة فتقام، ثم أمر رجلاً فيصلى بالناس، ثم انطلق معى برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار"([23])
* الدليل الخامس:
ما رواه الإمام مسلم وأصحاب السنن عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال: "من سره أن يلقي الله غداً مسلماً، فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن، فإنهن من سنن الهدى وإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى، وإنكم لوصليتم فى بيوتكم كما يصلى هذا المتخلف فى بيته، تركتم سنة نبيكم، ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم.
ما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ويرفعه بها درجة ويحط عنه بها سيئة.
ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين (أى يتساند على رجلين) حتى يقام فى الصف".([24])
وفى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم مع حديث ابن عمر أنه قال:"صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة"([25])
فضل الصلاة
بقى أن نشير أيها الأحباب إلى فضل الصلاة وسأكتفى بحديثين لرسول الله .
الحديث الأول:
رواه البخارى ومسلم وأصحاب السنن:
عن أبى هريره قال: سمعت رسول الله يقول: أرايتم لو أن نهراً بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شئ (أى من الوسخ شئ) قاوا لا يبقى من درنه شئ قال: فكذلك مثل الصوات الخمس يمحو الله بها الخطايا"([26])
الحديث الثانى:
رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط بإسناد حسن ورواته محتج بهم فى الصحيح.
عن عبد الله بن مسعود: قال : قال رسول الله : تحترفون تحترقون، فإذا صليت الصبح غسلتها، ثم تحترقون، فإذا صليتم الظهر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العصر غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم المغرب غسلتها، ثم تحترقون تحترقون، فإذا صليتم العشاء غسلتها، ثم تنامون، فلا يكتب عليكم حتى تستيقظوا"
أيها المسلمون فى كل مكان.
أيها الأخ الكريم، أيتها الأخت الكريمة.
الله الله فى الصلاة
الله الله فى الصلاة
الله الله فى الصلاة
فهذا هو فضلها وذاك هو خطرها
أسأل الله تعالى أن يعيننا وإياكم على ذكره، وشكره، وحسن عبادته ، اللهم ارزقنا قبل الموت توبة وعند الموت شهادة وبعد الموت جنة ورضواناً برحمتك يا أرحم الراحمين .... الدعاء.
* * *