فأرةُ الإمبراطورِ حكاية شعبية من شرق آسيا
كانَ ياما كان... في قديمِ الزمانِ، كان هناك إمبراطورٌ يعيش في بلدٍ بعيدٍ ويقيم في قصرٍ كبيرٍ، وعنده من الخدمِ الكثير، ومع ذلك كان دائمَ الشكوى، إذ إنه لم يكن لديه الحقُّ في دعوةِ الأصحابِ للاستمتاع معهم.
ولتكون لديه صحبةٌ، أحضرَ فأرةً صغيرةً، أليفةً، اسماها ميشا، وأقامت ببساطةٍ شديدةٍ في جيب الإمبراطور.
ومن وقتٍ لآخر، كانت تخرج لدورة صغيرة في الساحةِ الكبيرةِ للقصرِ، أو لتشم الهواءَ في الحدائقِ حين يذهبُ الإمبراطور للتنزّهِ.
وأحيانًا، كانت تنعكس على ذراعِهِ أو تقفز بطول يدِهِ، فيربت عليها بهدوءٍ.
وبالقرب من الإمبراطورِ، كان يوجد دائمًا، قطعةٌ صغيرةٌ من الجبنِ أو كسرةُ خبزٍ، قالب من السكر أو الشيكولاتة التي تقضمها ميشا بصيحاتٍ صغيرةٍ فرحةٍ.
كان الاثنان صديقين طيبين.
وفي يومٍ من الأيامِ، أثناء انشغال الإمبراطور بإصدار أوامرِه إلى الخدمِ، وردّه على البريدِ، جاءَ رسولٌ مسرعًا يحملُ إليه رسالةً، انحنى بشدةٍ أمام الإمبراطور قائلاً:
- يا سيدي، سوف تصل أمك في التو لكي تقضي الليلةَ عندك في القصرِ، وقد أرسلت قطّهَا «نوارو» الذي لا يفارقها أبدًا.
صرخ الإمبراطور:
- مصيبةٌ!! القط نوارو هو البطل لدى صائدي الفئرانِ، وسوف يصيدُ ميشا لا محالة! ما العمل؟..... ما العمل؟
في تلك اللحظة سُمعت دقات الطبول في أصداءِ الهواءِ، معلنةً قدوم أم الإمبراطور إلى القصرِ. أصدرَ الإمبراطور أمرًا بإحضارِ مغلف (ظرف رسائل) كبيرٍ.
قال:
- فلتحضروا لي مغلفًا ضخمًا بسرعةٍ، بسرعةٍ!
ثم أمسكً مقصًا، وأحدثَ ثقوبًا في المغلفِ، وبريشتِهِ، كتب فوقه اسمه وعنوان القصرِ.
دسّ الإمبراطور الفأرةَ ميشا داخل المغلفِ، ووضع معها قطعةَ جبن ثم أغلقه بعنايةٍ.
وفي الوقتِ المحددِ لدخول أمه وقطها نوارو القصر، قال الإمبراطور للرسولِ الذي أبلغه الخبرِ:
- أسرعَ واخرجَ من البابِ الخلفي، وضع هذه الرسالة في صندوقِ بريد سريعًا دون تأخير دقيقة واحدة.
عانق الإمبراطور أمه، وقضى معها الأمسيةَ، بينما كان القطُّ نوارو يقوم بجولةٍ في صالونات القصر ويموء في كل مكان.
وفي اليوم التالي، بعد رحيل الزائرين، وصل ساعي البريد إلى القصرِ ومعه رسالة إلى الإمبراطور.
قال ساعي البريد:
- يا سيدي، لك معي رسالةٌ ضخمةٌ.
أخذ الإمبراطور الرسالةَ، قال مبتسمًا:
- إنني لأتساءل ما الذي بداخلها؟
فتح الرسالةَ... وخرجت ميشا متعافيةً، سليمةً.
ضم الإمبراطور الفأرة في يدِهِ، ربت عليها في لطف قائلاً:
- أتعرفين يا ميشا، إنني لسعيدٌ جدًا أن أراك ثانيةً.
وبهدوءٍ وضع ميشا في جيبِهِ ولم تفارقه بعد ذلك أبدًا.